كراهية الأباء في قلوب الأبناء والمساعدة علي تحويلها الي حب (الجزء الأول) بقلم المبدعة ايمان عبده
لاشك أن للآباء الصالحين محبة كبيرة في قلوب أبنائهم، ولاشك أن تلك المحبة تزداد يوما بعد يوم كلما كبر الابناء وفهموا الحياة وعلموا معنى التضحيات والعطاء، لكن هناك جانبا آخر يغفل عنه الكثيرون ، هو هؤلاء المكروهون من ابنائهم وهم لايشعرون، إنها لطامة كبرى يمكن أن تقع في بيتك وانت غافل – أن يكرهك ابنك – بينما أنت قائم على سلوكك السلبي مصر عليه معتاد على فعله .. فانتبه ايها الاب الغافل وتدبر معي تلك الاسباب التي قد تجعلك مكروهاً من ابنائك.
أولا :_ حرصك أيها الأب وبخلك على ولدك ومنعه مما يملك أن يعطيه في ذات الوقت الذي يرى فيه الإبن أن أباه لايبخل على نفسه، فيراه مستمتعا بما عنده حارماً ابناءه منه، وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن أفضل الإنفاق هو الإنفاق على الأقربين وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك " رواه مسلم ثانيا : الجفوة التي يعامل بها الأب أبناءه، فيتعامل معهم بلا عاطفة تذكر، فلا يبد لهم محبة ولا رقة ولا شفقة، ويظن أنه يربيهم على الخشونة بهذا الفعل وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من قال له إن لي عشرة من الولد لم اقبل أحدهم وقال له " من لا يرحم لا يرحم " البخاري , قال ابن بطال: " رحمة الولد الصغير، ومعانقته، وتقبيله، والرفق به، من الأعمال التي يرضاها الله ويجازي عليها " . ثالثا : القسوة والضرب، وهما أخص من الجفوة، فكثرة الضرب والأذى تنقلب كراهية وبغضا في قلب الولد خصوصا أن الولد لم تتولد لديه بعد مفاهيم حكمة الاشياء والأفعال, فهو يقيمها من جهته فحسب فيكره اباه لضربه , وربما تسبب الضرب القاسي في الأذى الذي لا ينسى عبر الدهر والأزمان، استخدام القسوة في التعامل مع الأبناء مما يقلل من الجانب العاطفي والنفسي بينهم، وينشئ حاجز البعد بينهما، وهنا لا يشعر الابناء بمنزلتهم في نفوس آبائهم مما يزيد من حالة التوتر والضغط النفسي لديهم.. رابعا : إيذاء الأم : فالأبناء يحبون أمهاتهم بفطرتهم خصوصا مع حنانها ورقتها وعطائها لهم، فإذا قسى الأب عليها أوتعرض لها بأذى، تولدت الكراهية في قلوب الأبناء تجاه أبيهم، خصوصا كونهم غير قادرين على ردعه عنها ودفع أذاه عن أمهم، فيكبر في صدورهم كرهه والرغبة في البعد عنه . خامسا : انحراف الأب : فالأبناء يضعون في عقولهم صورة حسنة نموذجية لأبيهم، فيوقرونه ويعظمونه ويحترمونه، ويحبون في داخلهم أن يروه قدوة حسنة لهم، فيفتخرون به وينتمون إليه؛ لكنهم إذا اكتشفوا عليه جرما اهتزت صورته في أعينهم فإذا تكرر الجرم ازداد السقوط، حتى يسقط الاب في أعينهم سقوطا تاما، ومن اشد ما يسقط الأب في أعين ابنائه جرائم الشرف، وخطايا الأعراض، والكذب، والزور وغيرها . سادسا : الإكراه على الأعمال : وأقصد بها أعمال الدنيا , فتقييد حرية الإبن وإكراهه على العمل والسلوك بشكل متصل متتابع يولد الكراهية والبغضاء في قلب الإبن تجاه أبيه، وربما ود في بعض الاحيان ذلك الإبن أن يفارقه أبوه أو يرحل عنه ليأخذ حريته ويعمل باختياره . سابعا : السخرية والاستهزاء : أساليب الاستهزاء والسخرية والتقليد والنقد الدائم والصياح المستمر والمقارنة ، كل هذه الأساليب تثير مشاعر الكراهية في نفوس الأبناء ضد آبائهم، فالأبناء في أعمارهم الصغيرة يكونون كالأوعية، يحملون ويمتلؤون، ثم يفيضون على غيرهم عند كبرهم، وتتكون شخصياتهم من ايام الصغر ، وتتشكل عبر ما يحيط بهم من أعمال ومواقف، وسخرية الأب بأبنه واستهزائه بقدراته، وإطلاق الألقاب السيئة عليه، والانتقاص من قدره، مسببات تتراكم يوما بعد يوم فتسبب الكره والبغضاء، إضافة أنها تنتج شخصية مريضة سلبية . ثامنا : الإهمال وعدم الاكتراث بحياة الابناء ولا بنفسياتهم، ولا بتعليمهم، ولا بآلامهم ومشكلاتهم ، فإذا كان الأب غافلا مهملا لأبنائه ولحياتهم وشئونهم، تًعذب الأبناء وعاشوا كالأيتام , ورسخ ذلك في قلوبهم فازدادت الكراهية لأبيهم، وقل الحب وضعف، حتى يأتي وقت فيتلاشى، حرمان الأب أبناءه من التعليم وزجُّهم في العمل بوقت مبكر من أجل تحصيل الأموال وهذا ما نلاحظه في حياة الطفولة المسروقة، فالبعض من الأهل يتمتع بحالة مادية جيدة وترى أطفاله يمارسون العمل بعمر مبكر والمفروض انهم يتمتعون بطفولتهم حالهم حال بقية الأطفال. تاسعا : بعد الاب عن الدين : وهو سبب خاص بأهل الإيمان من الابناء، فالابن المؤمن يحب من أبيه أن يكون صالحا ديّنا، تقيا، متصدقا، عابداً، فيستشعر معه معاني بر الوالدين، ومعاني القرب من الله سبحانه و ويجعله قدوة له، فإذا كان الأب فاسقا مجاهرا بالآثام تصاغر مكانه في قلبه وانقلب الحب كرها .. عاشرا : الظلم وعدم العدل، فقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أمرا بالعدل بين الابناء ومعهم , فقال :" اتقوا الله واعدلوا بين ابنائكم " البخاري , ولست أعني ههنا أن عدم العدل بين الأبناء في العطايا هو المقصود فحسب، بل إن العدل قيمة عظيمة لايستغني عنها بيت من البيوت، ولو استشعر الأبناء الظلم من أبيهم نبت لديهم في قلوبهم نبت البغضاء والكراهية، فالظلم يطرد المحبة من القلوب.
لو جعل الآباء وقتاً لأبنائهم يشمل الاستماع الى آرائهم وحل مشكلاتهم وتلبية متطلباتهم، لن نقع في تلك البورة من النفور والأبتعاد، ولن يُشعر الابناء بأنهم غير مقبولين وغير مرحب بهم لدى آبائهم مما يزيد الجفاء بينهما ويقطع روابط المحبة والوئام
بقلم ايمان عبده


تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليق لتشجيعنا