" أنا بس عايزة أحكي مشكلتي عشان مش عايزة حد يغلط نفس الغلطة اللي أنا غلطتها "
قرأت الجملة وأنا مش مصدق إن لسة في حاجة من ريحتها ، قربت وفتحت النوت بوك ومعايا أخواتي البنات وفتحتها وبدأت اقرأ
( طول عمري بمشي ورا عواطفي واللي قلبي يدلني عليه بروحله .. صحيح القلب بيودي في داهية بس الشاطر اللي يقوم منها بسرعة
كتعريف شديد اسمي شهد وعندي حاليا تسعتاشر سنة أصلي صعيدية بس كنت عايشة مع خالتي في القاهرة لإن والدتي متوفية وبابا نقل الوصاية لخالتي وفضل هو في الصعيد ، كنت بنزل الصعيد في الأجازات وهناك قابلته
عصام ابن عمي أول يوم شوفته كنت عشر سنين وحبيته .. حبيته جدا وكان كل اللي يعرف يقولوا إنها مشاعر مراهقة
عصام كان حنين معايا وبيخاف عليا كنت بحس معاه بمشاعر أنا مفتقداها من غياب ماما وبابا كنت بتمني اني أفضل في الصعيد علي طول عشان بس أبقي معاه ، لغاية ما جه اليوم اللي قلب حياتي كلها مرة واحدة
_ شهد تعالي اقعدي جمبي هنا
= نعم يا بابا
_ عصام ابن عمك طلب ايدك وأنا وافقت
= يعني ايه
_ هتتجوزيه يعني
= بس أنا لسة اتناشر سنة
_ اللي قدك دلوقتي فاتحين بيوت ومخلفين كمان
حسيت اني مش مرتاحة وبالذات لما عرفت إن خالتو اتخانقت مع بابا جامد بسبب الموضوع دة ومشيت بس حبي واحتياجي لعصام خلاني أوافق وفضلت أقول وايه يعني شوية بشوية هتعود علي حياتي الجديدة
اتجوزت عصام وعشت معاه أسعد أيام حياتي في الأول بس أيام ماكان بابا الله يرحمه عايش ؛ بابا مات بعد جوازي بسنة ومن بعد ما عصام مسك فلوسي وهو بدأ بتغير ... اتعرضت لحاجات كتير أوي مش كويسة بس كنت بصبر عشان مليش حد أروحله وعشان لسة بحبه ، بدأ يضربني ويهيني وحرمني من تعليمي لغاية ما كملت ستاشر سنة وعرفت اني حامل .. ساعتها الفرحة مبقتش سايعاه وكان بيعاملني زي الملكة وحبه بعد ماكان بدأ ينقص زاد للضعف لغاية ما عرفنا اني حامل في بنت طلب مني اني اجهض وساعتها وقفت قصاده ورفضت فضل يضربني لغاية ما كنت هسقط فعلا بس كان مكتوب لبنتي تشرف الدنيا .. بعد ولادتها عمري ما شوفته ماسكها وشايلها ، قرر اني أحمل تاني وافقت وبرضه فضل يدلعني لغاية ما عرفنا إنها بنت ساعتها وبدأ يتغير بس مش زي الحمل الأول هو اتغير للأسوء .. وخلفت بنتي التانية وساعتها دكتور معاذ حظر من الحمل للمرة التالتة بس عصام مكانش فارق معاه أهم حاجة الولد اللي يشيل اسمه وفلوسه اللي هي فلوسي من الأساس وحملت للمرة التالتة وساعتها بدأت أكتب في المذكرة دي .. كنت خايفة أدخل أوضة العمليات مخرجش وبرضه فضل يعاملني بكل رقة لغاية ما عرفنا انه ولد ، دكتور معاذ كان قايل إن احتمال الحمل ميكملش بس الحمل كمل وخلفت الولد وسميته عصام أصل حبه زاد تاني في الحمل دة .. تسع شهور بتدلع وبيعاملني بكل حنية .. حبه زاد عشان بس لقيت الحنية اللي عمري ما حسيتها
معاملته معايا بقت حلوة أوي .. اعتذرلي علي كل حاجة وحشة عملها وكان بيعاملني بكل حنية ... حنية غابت لسنين طويلة ، اكتشفت فيه حاجات جديدة مكنتش أعرفها لغاية ما كملت واحد وعشرين سنة وأنا قليل لما بتعامل مع الناس اللي برا البيت ومعرفش حاجة لقيته جايب ورق وطالب مني أمضي عليه وطبعا عشان مكملتش تعليمي فمفهتمش اللي مكتوب ومضيت وبعدين لقيت ورقة طلاقي جايالي ومعاها جواب
" أنا آسف اني سبتك لواحدك بس أنا اكتشفت اني مش بحبك يا شهد أنا قابلت واحدة تانية وحبيتها واتفقنا علي الجواز .. بس أنا مش سايبك لواحدك برضه يعني معاكي ولادك التلاتة وطبعا مش هوصيكي اني لو مبعتش فلوس تنزلي وتشتغلي عشان تصرفي عليهم .. آه صحيح لو حبيتي تكملي تعليم معنديش مانع علي الأقل عشان ولادك يبقوا فخورين بيكي
حبيبك الوفي : عصام "
طبعا كان صعب أكمل تعليمي كل الأبواب اتقفلت في وشي حتي خالتي معرفش عنها حاجة اشتغلت في البيوت عشان أقدر اصرف علي ولادي وتعليمهم .. اتمرمطت جامد حتي الناس كلامهم مرحمنيش ، بس كان الدكتور معاذ بيساعدني جامد وطلب ايدي وفضل مصمم علي طلبه لحد دلوقتي لإنه ببساطة حب بجد ، بس رفضت وخوفت أعيد التجربة لا أنا ولا ولادي هنستحمل وهو قدر وفضل معايا وواقف جمبي
وعرفت من فترة اني عندي كانسر ومش معايا فلوس للعلاج ومعرفش حتي هموت امتي ومعرفتش الدكتور ولا حتي ولادي لإني كالعادة بستحمل اوجاعي لواحدي منكرش اني كان نفسي معاذ يشيل وجعي معايا بس مقدرتش أعرف حد كنت عايزة أموت بصمت
كل اللي بشكره في الحياة دي هي المذكرة دي كانت الحاجة الوحيدة اللي بتداويني
الخلاصة احنا الستات لما بنلاقي حاجة كانت غايبة عننا بنمسك فيها بكل قوتنا .. أنا في البداية وافقت أتجوز عصام عشان حنيته وخوفه عليا ، وبعدين كملت في الجواز عشان مليش حد ومش مكملة تعليمي واستمريت فيه تاني عشان ولادي اللي معرفش مسيرهم من غير أب هيبقي عامل ازاي
وعرفت إن الست مش ضعيفة بالعكس فيها قوة تعادل ميت راجل وأنا كمان مش ضعيفة بس ظروفي خليتني كدة في وجود عصام وفي عدم وجوده ربيت ولادي تربية صح وعمري ما قلت عنه حاجة وحشة قدامهم ، عرفت يعني ايه تعب بجد وبرضه عرفت يعني ايه راحة الضحكة الحقيقة ظهرت مع ولادي ، الإبتسامة السعيدة ظهرت وأنا بشوف علاقة معاذ معاهم ووقوفه جمبنا وإصراره علي طلبه أنا مش ضعيفة ومش عديمة كرامة بس الحياة والظروف اجبرتني
بس دة ميمنعش إن كل دة حصلي عشان مشيت ورا تفكير طفولي ورأي أب لو كنت رفضت عصام كان هيجوزني لغيره ، كل دة حصلي عشان عادات وتقاليد غبية بتجبر الواحد إنه ينهي حياته بالبطئ ، كل دة حصلي عشان بس حبيت حنية مزيفة ومشاعر كدابة
أنا واحدة الحياة جاية عليها من صغرها .. واحدة يتيمة أم ، وأب وجوده زي عدمه وخالة مع أول مشكلة واجهتني نسيتني وسابتني وزوج مريض كان فاكر انه بيعالج مرضه بيا ، فكرت كتير أهرب بس ملقتش اللي ههرب ليه وأنا معايا تلت أطفال وكمان كان سهل إن عصام يجيبني .. اتمنيت اني أقابل معاذ من زمان تقريبا مكانش دة هيبقي حالي
بس اكتشفت إن الحياة فعلا مبتوقفش علي حد عصام سافر واخباره اتقطعت .. بس أنا لسة عايشة وولادي عايشين احنا آه مش بخير بس اتعلمنا نحمد ربنا علي كل حاجة بتحصلنا وعلي الوحشة قبل الحلوة
اتعلمت إن لو الثقة والإحترام مش موجودين في أي علاقة فهي أكيد علاقة فاشلة
أنا مكنتش بثق في عصام وكنت دايما بخاف منه بسبب اللي حصلي وبقيت أخاف من كل الرجالة لغاية ما جه معاذ وغير كل المفاهيم إلا خوفي من اني أعيد التجربة تاني ، عصام مكانش بيحترمني ولا بيحترم مشاعري .. راجل عايش علي تفكير قديم وخلص من زمان .. ببساطة راحل معقد وأنا اللي عقدته طلعت عليا
وتقريبا دوري خلص في القصة وفي الحياة وحاليا أنا منتظرة معاد وفاتي )
مسحت دموعي وأنا بقفل النوت بوك وبصيت لأخواتي لقيتهم بيعيطوا قمنا وخرجنا برا البيت وأنا بقفله كان لازم اطمنها
= ربنا أخد حقك يا ماما .. أخده وانتقم من الظالم .. بابا مات محروق بعد ماحد من منافسينه قرر يقتله .. فجر البيت ومات محروق
مات وهو بيكلمنا .. مات وهو بيضحك وبيشمت في موتك .. مات وكل فلوسك رجعت تاني و هنحقق وصيتك ونبني جامع بيها
بصيت لأخواتي البنات وابتسمت بحزن واخدتهم في حضني وطلعنا برا الصعيد كلها بعد ما قررنا نمحي كل الذكريات .. ذكريات طفلة أعجبت بشخص مريض .. وشابة مراهقتها بينتلها إن دة حب عشان كان هو الشاب الوحيد اللي قدامها .. وزوجة بتحاول تسعد جوزها اللي ميستاهلش عشان ببساطة ملهاش حد غيره .. وأم كان كل همها توفر مستوي كويس لولادها وتعوضهم عن غياب أبوها .. وفي الأول والآخر هي ست معاشتش حياتها ولا حست بأنوثتها ، رفضت حب الدكتور معاذ عشان خوفها من تجربة عاشتها وعشان خوفها علينا ؛ دكتور معاذ اللي مات بعدها بسنة ومتجوزش وفضل عايش علي حبه ليها ضيع شبابه عشان حبها بجد ، ماما استسلمت للحياة اللي فضلت تلطش فيها شمال ويمين و دة كان غلطها
واللي فهمناه من تجربة ماما الله يرحمها إن الزواج المبكر غلط وبيدمر البنت وإن الستات مش ضعاف وإن الست بتسامح عشان بتحب
وإن الراجل لازم يعاملها كويس وميستخدمش قوته عليها عشان " رفقا بالقوارير " وعشان هي لو حبت تقف قصادك هتقف
وإن مش كل الرجالة وحشين وفي رجالة بتحب بجد ومخلصة بجد
واتعلمنا اننا مش دايما نصدق مشاعرنا لإنها بتكون كدابة
مش دايما نيجي علي نفسنا عشان غيرنا يتبسط
و بلاش نستسلم لواقع قادر يدمرنا بكل بساطة
وأخيرا إن الحياة مش بتقف علي حد وإن اللي ربنا عايزه هيكون
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليق لتشجيعنا